هل تدخل ترامب يصلح بين المغرب والجزائر في 60 يوماً؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

هل تدخل ترامب يصلح بين المغرب والجزائر في 60 يوماً؟

هل تدخل ترامب يصلح بين المغرب والجزائر في 60 يوماً؟

هل تدخل ترامب يصلح بين المغرب والجزائر في 60 يوماً؟


في خضم التوترات المتزايدة بين المغرب والجزائر خلال السنوات الأخيرة، ومع بروز دور الولايات المتحدة في المنطقة المغاربية، يُطرح سؤال محوري: هل يستطيع دونالد ترامب، في حال عودته إلى الساحة السياسية، لعب دور حاسم في إصلاح العلاقات بين البلدين خلال فترة وجيزة لا تتجاوز 60 يوماً؟
هذا السؤال يفتح الباب أمام تحليل عميق للأوضاع الجيوسياسية، والدوافع الأمريكية، ودور ترامب المحتمل في إعادة رسم خريطة التحالفات في شمال إفريقيا.




خلفية الأزمة بين المغرب والجزائر


تُعد العلاقات المغربية الجزائرية من أكثر الملفات تعقيداً في العالم العربي، حيث تمتد جذور الخلاف إلى عقود طويلة بسبب قضية الصحراء الغربية.
منذ عام 1975، تباينت مواقف البلدين بحدة، فبينما يرى المغرب أن الصحراء جزء لا يتجزأ من أراضيه، تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب بتقرير المصير.

ورغم محاولات الوساطة العربية والإفريقية والدولية، ظلت العلاقات متوترة، مغلقة الحدود، متوقفة الدبلوماسية، ومحتدمة إعلامياً.
لكن مع التحولات العالمية الأخيرة، خصوصاً بعد اتفاقيات التطبيع بين المغرب وإسرائيل، دخلت المنطقة مرحلة جديدة من إعادة التموضع السياسي.




ترامب والملف المغربي: من الاعتراف إلى التأثير الإقليمي


لا يمكن الحديث عن أي تدخل محتمل لدونالد ترامب دون التذكير بالخطوة التاريخية التي اتخذها في ديسمبر 2020 حين اعترفت إدارته بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
ذلك القرار اعتُبر تحولاً جذرياً في الموقف الأمريكي، عزز مكانة المغرب كحليف استراتيجي في المنطقة، وأثار في الوقت ذاته استياءً جزائرياً كبيراً.

وبالنظر إلى طابع ترامب البراغماتي والصفقاتي، يمكن القول إن تدخله في أي نزاع سيكون من منطلق المصالح الأمريكية المباشرة، سواء الاقتصادية أو الأمنية أو حتى الانتخابية.
وهنا يبرز السؤال: هل يمكن أن يوظف ترامب عودته للسياسة الخارجية لفرض سلام سريع بين المغرب والجزائر يخدم أجندته ويعزز صورته كصانع للاتفاقيات المستحيلة؟




الظروف الراهنة بين البلدين: من القطيعة إلى الجمود


اليوم، وبعد أكثر من أربع سنوات على قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرباط والجزائر، يعيش البلدان حالة من الجمود الحذر.
الجزائر تتخذ موقفاً صارماً من تطبيع المغرب مع إسرائيل، وترى فيه تهديداً مباشراً لأمنها القومي، بينما يعزز المغرب تحالفاته العسكرية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل.

كما أن السباق نحو الزعامة الإقليمية في إفريقيا، والتنافس على النفوذ في منطقة الساحل والصحراء، زاد من تعقيد المشهد.
لذلك، فإن أي محاولة للوساطة بين البلدين تحتاج إلى ضمانات قوية، وضغط دولي متوازن، ورؤية اقتصادية مشتركة.




ترامب كوسيط غير تقليدي: فرص النجاح والمخاطر


يُعرف ترامب بأسلوبه المختلف عن الدبلوماسية الكلاسيكية.
فهو لا يتبع القنوات التقليدية، بل يعتمد على الاتفاقيات السريعة والمفاجئة، كما فعل في ملف التطبيع العربي الإسرائيلي.
من هذا المنطلق، قد يرى البعض أن قدرته على إحداث اختراق سياسي بين المغرب والجزائر خلال 60 يوماً ليست مستحيلة، خاصة إذا توفرت له الحوافز الاقتصادية والسياسية.


عوامل قد تساعد ترامب في وساطته


  1. العلاقات القوية مع المغرب بفضل الاعتراف الأمريكي بالصحراء.

  2. رغبة الجزائر في تحسين صورتها الدولية بعد توترات متكررة مع أوروبا وفرنسا.

  3. الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، مما يجعل التعاون الإقليمي ضرورة.

  4. تغير المشهد الدولي بعد الحرب في أوكرانيا وتراجع الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط، ما قد يدفع واشنطن للبحث عن توازن جديد في شمال إفريقيا.


عقبات محتملة أمام ترامب


  1. عدم الثقة الجزائرية في نوايا واشنطن.

  2. التحالف المغربي الإسرائيلي الذي تعتبره الجزائر خطاً أحمر.

  3. تضارب المصالح الأوروبية والأمريكية في المنطقة.

  4. الرفض الشعبي في الجزائر لأي وساطة تمس قضية الصحراء.



كيف يمكن أن يتحرك ترامب لإصلاح العلاقات في 60 يوماً؟


إذا افترضنا أن ترامب قرر الدخول على خط الأزمة، فإن خطة تدخله الدبلوماسي قد تعتمد على مراحل محددة:


1. مرحلة الاتصالات السرية


قد تبدأ بإرسال مبعوثين خاصين إلى الرباط والجزائر لجسّ النبض، وربما عبر شخصيات قريبة من الجانبين.
الهدف هو تحديد نقاط التلاقي الممكنة مثل التعاون الاقتصادي أو مكافحة الإرهاب.


2. مرحلة الضغط الإقليمي


من المتوقع أن يستخدم ترامب علاقاته مع دول الخليج، خصوصاً السعودية والإمارات، للعب دور داعم للوساطة.
كما قد يوظف ملف الطاقة والغاز كورقة ضغط على الجزائر.


3. مرحلة القمة الرمزية


قد يقترح ترامب قمة مغربية جزائرية أمريكية في دولة محايدة، مثل الإمارات أو قطر، لإعلان "اتفاق نوايا" مبدئي يعيد العلاقات الدبلوماسية ويفتح الحدود.


4. مرحلة المتابعة الاقتصادية


من خلال مشاريع استثمارية أمريكية مشتركة في الطاقة المتجددة والبنية التحتية، يمكن ضمان استدامة الاتفاق واستقرار العلاقات.




الأثر المحتمل على المنطقة المغاربية


نجاح وساطة ترامب – إن حدثت – سيكون له تأثير جيوسياسي عميق.
فتح الحدود بين المغرب والجزائر سيخلق سوقاً مغاربية ضخمة تضم أكثر من 100 مليون نسمة، ويعزز التعاون في مجالات الطاقة، الزراعة، الأمن، والنقل.

كما سيساهم في تقليص النفوذ الإيراني والتركي في المنطقة، ويمنح الولايات المتحدة موطئ قدم استراتيجي بين أوروبا وإفريقيا.
لكن في المقابل، أي فشل أو تدخل غير متوازن قد يؤدي إلى تفجر الأزمة مجدداً وربما تصعيد عسكري غير مباشر.




السيناريوهات الممكنة خلال 60 يوماً

  1. السيناريو المتفائل:
    ينجح ترامب في إقناع الطرفين بلقاء تاريخي، يتم خلاله الاتفاق على خطوات أولية لإعادة العلاقات وفتح الحدود.

  2. السيناريو الواقعي:
    تُستأنف الاتصالات غير المباشرة بين الطرفين تحت رعاية أمريكية، دون نتائج ملموسة فورية.

  3. السيناريو المتشائم:
    ترفض الجزائر التدخل الأمريكي، وتعتبره انحيازاً للمغرب، مما يؤدي إلى تصعيد دبلوماسي جديد.



 هل 60 يوماً كافية؟

إن إصلاح العلاقات المغربية الجزائرية مهمة معقدة تتجاوز الأجندات السياسية المؤقتة، وتتطلب إرادة صادقة، وحكمة استراتيجية، وضمانات متبادلة.
ورغم أن أسلوب ترامب "السريع والمباشر" قد يحدث اختراقاً رمزياً، إلا أن تحقيق مصالحة حقيقية خلال 60 يوماً يبقى تحدياً كبيراً، ما لم تتوافر رغبة حقيقية من الطرفين في طي صفحة الماضي وفتح عهد جديد من التعاون المغاربي.

تعليقات